سورة الحاقة - تفسير تفسير الرازي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحاقة)


        


{لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ (37)}
الآثمون أصحاب الخطايا وخطئ الرجل إذا تعمد الذنب وهم المشركون، وقرئ الخاطيون بإبدال الهمزة ياء والخاطون بطرحها، وعن ابن عباس أنه طعن في هذه القراءة، وقال ما الخاطيون كلنا نخطو إنما هو الخاطئون، ما الصابون، إنما هو الصابئون، ويجوز أن يجاب عنه بأن المراد الذين يتخطون الحق إلى الباطل ويتعدون حدود الله.
واعلم أنه تعالى لما أقام الدلالة على إمكان القيامة، ثم على وقوعها، ثم ذكر أحوال السعداء وأحوال الأشقياء، ختم الكلام بتعظيم القرآن فقال.


{فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39)}
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: منهم من قال: المراد أقسم و(لا) صلة، أو يكون رد الكلام سبق، ومنهم من قال: لا هاهنا نافية للقسم، كأنه قال: لا أقسم، على أن هذا القرآن قول رسول كريم يعني أنه لوضوحه يستغني عن القسم، والاستقصاء في هذه المسألة سنذكره في أول سورة {لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ القيامة} [القيامة: 1].
المسألة الثانية: قوله: {بِمَا تُبْصِرُونَ ومالا تُبْصِرُونَ} يوم جميع الأشياء على الشمول، لأنها لا تخرج من قسمين: مبصر وغير مبصر، فشمل الخالق والخلق، والدنيا والآخرة، والأجسام والأرواح، والإنس والجن، والنعم الظاهرة والباطنة.


{إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40)}
واعلم أنه تعالى ذكر في سورة {إِذَا الشمس كُوّرَتْ} [التكوير: 1] مثل هذا الكلام، والأكثرون هناك على أن المراد منه جبريل عليه السلام، والأكثرون هاهنا على أن المراد منه محمد صلى الله عليه وسلم، واحتجوا على الفرق بأن هاهنا لما قال: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} ذكر بعده أنه ليس بقول شاعر، ولا كاهن، والقوم ما كانوا يصفون جبريل عليه السلام بالشعر والكهانة، بل كانوا يصفون محمداً بهذين الوصفين.
وأما في سورة: {إِذَا الشمس كُوّرَتْ} لما قال: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} ثم قال بعده: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شيطان رَّجِيمٍ} [التكوير: 25] كان المعنى: إنه قول ملك كريم، لا قول شيطان رجيم، فصح أن المراد من الرسول الكريم هاهنا هو محمد صلى الله عليه وسلم، وفي تلك السورة هو جبريل عليه السلام، وعند هذا يتوجه السؤال: أن الأمة مجمعة على أن القرآن كلام الله تعالى، وحينئذ يلزم أن يكون الكلام الواحد كلاماً لله تعالى، ولجبريل ولمحمد، وهذا غير معقول والجواب: أنه يكفي في صدق الإضافة أدنى سبب، فهو كلام الله تعالى، بمعنى أنه تعالى هو الذي أظهره في اللوح المحفوظ، وهو الذي رتبه ونظمه، وهو كلام جبريل عليه السلام، بمعنى أنه هو الذي أنزله من السموات إلى الأرض، وهو كلام محمد، بمعنى أنه هو الذي أظهره للخلق، ودعا الناس إلى الإيمان به، وجعله حجة لنبوته.

6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13